في البدء كانت الأنثى
سعاد الصباح
يقولــــــون ؛
ان الكتابة اثــــم عظيـــم ...
فلا تكتبـــى .
وانّ الصلاة أمام الحروف ... حرام
فلا تقربـــى .
وانّ مداد القصائــــــد سمّ ...
فايّاك أن تشربى .
وها أنـــــذا
قد شـــربت كثيرا
فلم أتسمّم بحبر الدواة على مكتبى
وها أنـــــذا ...
قد كتبت كثيــــرا
وأضرمت فى كل نجم حريقا كبيرا
فما غضب الله يوما علىّ
ولا أســتاء منىّ النبىّ .....
يقولــــــون ؛
انّ الكلام امتياز الرجــال ...
فلا تنطقى !!
وانّ التغزّل فنّ الرجــــال ...
فلا تعشقى !!
وانّ الكتابة بحر عميق المياه
فلا تغرقى ...
وها أنذا قد عشقت كثيرا ...
وها أنذا قد سبحت كثيرا ...
وقاومت كلّ البحار ولم أغـرق ...
يقولـــــون :
انى كسرت بشعرى جدار الفضيله
وان الرجال هم الشعراء
فكيف ستولد شاعرة فى القبيله ؟؟
وأضحك من كل هذا الهراء
وأسخر ممن يريدون فى عصر حرب الكواكب ..
وأد النســاء ...
وأسأل نفسى ؛
لماذا يكون غناء الذكور حلالا
ويصبح صوت النساء رذيـــــله ؟
لماذا ؟
يقيمون هذا الجدار الخرافىّ
بين الحقول وبين الشــــجر
وبين الغيوم وبين المطر
ومابين أنثى الغزال ، وبين الذكر ؟
ومن قال ؛ للشعر جنس ؟
وللنثر جنس ؟
وللفكر جنس ؟
ومن قال ان الطبيعة
ترفض صوت الطيـــور الجميله ؟
يقولـــــون ؛
انّى كســـرت رخامة قبرى ...
وهذا صحيــــح .
وانّى ذبحت خفافيش عصرى ...
وهذا صحيــــح .
وانّى اقتلعت جذور النفاق بشعرى
وحطّمت عصر الصفيح
فان جرّحونى ...
فأجمل مافى الوجود غزال جريح
وان صلّبونى . فشكرا لهم
لقد جعلونى بصفّ المســـيح ...
يقولـــون ؛
ان الأنوثة ضعـــف
وخير النساء هى المرأة الراضيه
وانّ التحرّر رأس الخطايا
وأحلى النساء هى المرأة الجاريه
يقولـــون ؛
ان الأديبات نوع غريب
من العشب ... ترفضه الباديه
وانّ التى تكتب الشعر ...
ليســت سوى غانيــــه !!
وأضحك من كلّ ما قيل عنّى
وأرفض أفكار عصر التنك
ومنطق عصر التنك
وأبقى أغنّى على قمّتى العاليه
وأعرف أنّ الرعود ستمضى ...
وأنّ الزوابع تمضى ...
وأن الخفافيش تمضى ...
وأعرف أنّهم زائلــــــــون
وأنّـــــى أنا الباقيـــــــــه ....
يا أكثر من حبيبي ....
عادية ..
كل التعابير التي أقولها
عن حبك العظيم ..
ياحبيبي.
فهل هناك كلمة ثانية ؟
لم يكتشفها أحد
تخرجني من ورطتي
يا ملك الملوك ..
يا أكثر من حبيبي ...
إلى واحد لا يسمى ..
أسميك ..
_ رغم اقتناعي بأنك لست تسمى _
( حبيبي )
وأعرف أن اللغات تضيق علي _
وأن قميصي يضيق علي
وأن سريري يضيق علي
وأن جميع المعاجم من دون جدوى
وأن حروفي مضرجة باللهيب
أسميك
_ رغم احتجاج قريش _
( حبيبي )
ورغم احتجاج كليب ..
( حبيبي )
وأعرف أن حدودك ليست تحد
وأن رموزك ليست تحل
وأن قراءة عينيك
مثل قراءة علم الغيوب ..
أسميك ..
_ حتى أغيظ النساء _
( حبيبي )
_ وحتى أغيظ عقول الصفيح _
( حبيبي )
وأعرف أن القبيلة تطلب رأسي
وأن الذكور سيفخرون بذبحي
وأن النساء ..
سيرقصن تحت صليبي ..
نبشت جميع القواميس ..
حتى تعبت ..
فهل تتذكر اسما ..
جديدا ..
غريبا ..
مثيرا ..
يليق بحبي الجنوني
غير ( حبيبي ) ؟؟
رجل تحت الصفر
يا هولاكو هذا العصر ..
إرفع عني سيف القهر
إنك رجل سوداوي ..
مأساوي ..
عدواني ..
لست تفرق بين دماي
وبين نقاط الحبر ...
يا هولاكو ..
ليس هنالك ما يجمعنا
لاأشياء القلب
ولا أشياء الفكر
أنت تحب ثبات البر
وإني أشرس من أسماك البحر
أنت تمارس فن القتل
وإني أتقن فن الصبر ..
يا هولاكو الأول ..
يا هولاكو الثاني ..
يا هولاكو التاسع والتسعين
لن تدخلني بيت الطاعة
فأنا امرأة ..
تنفر من أفعال النهي ..
وتنفر من أفعال الأمر .
لا تتحدث عن احساسك نحوي
إنك آخر مخلوق يتعاطى الشعر ..
ليس هنالك ما يبقيني
إن شفاهك مثل الشوك ..
وإن سريرك مثل القبر ..
يا هولاكو ...
لا تتضايق من كلماتي
إن أفشيت أمامك هذا السر
إني في حال الغليان
وإنك رجل تحت الصفر ...
الهاوية
كلما قبلت ثغري بجنون
كلما لاحت أمامي الهاوية
أنت تبقى في الهوى محترفا
وأنا دوما سأبقى هاوية ..
يوميات قطة
أنا في حالة عشق ... يا حبيبي
نعمة كبرى بأن أفتح عيني صباحا
فأرى في جانبي من أناديه ( حبيبي ) ..
نعمة أن أشرب القهوة ما بين ذراعيك ..
وأن أسكن طوال الليل في بستان طيب ...
نعمة أن تشعر الأنثى بإنسان يغطيها ..
ويحميها .. ويعطيها مفاتيح الغيوب ..
أنا في كل لغات الأرض أهواك ..
فهل عندك اسم آخر ..
غير حبيبي ؟؟
ماذا يبقى منك ؟
لست أفكر في تغييرك أبدا ..
لو غيرت طبائعك الوحشية
ماذا يبقى منك ؟
لست أفكر في تأديبك ..
أو تهذيبك ..
لو هذبت الطفل الطائش فيك ..
فماذا يبقى منك ؟
لست أفكر في اخراجك من فوضاك
فلو لملمت الورق الملقى فوق سريرك
ماذا يبقى منك ؟
لست أفكر في تعليمك فن الحب
فأنت نبي الحب ..
ولو علمتك ما لا أعلم
ماذا يبقى منك ؟؟
لست أفكر ..
في انقاذك من زلزال الشعر
فلو أنقذتك من زلزال الشعر
فماذا يبقى منك ؟
ماذا يبقى منك ؟
قراءة في ذاكرة الأشجار
أمشي كل خريف في الغابات
لأغسل وجهي بالأمطار
هذا ورق أصفر ..
هذا ورق أحمر ..
هذا ورق مشتعل كالنار ..
أسأل نفسي :
وأنا أمشي فوق نثارات الياقوت
أهذا ورق .. أم أفكار ؟
وهل الغابة تحزن أيضا ؟
تبكي أيضا ..
هل هي تشعر بالتذكار ؟
هل تتألم
هل تتوجع ؟
هل تتذكر ماضيها الأشجار ؟
الحب في الهواء الطلق
حين أكون بحالة عشق
أشعر أني صرت بوزن الريشة
أني أمشي فوق الغيم ..
وأسرق ضوء الشمس ..
واصطاد الأقمار
حين أكون بحالة عشق ..
أشعر أن العالم أضحى وطني
وبإمكاني أن أجتاز البحر
وأعبر آلاف الأنهار
وبإمكاني ..
أن أتنقل دون جواز
كالكلمات ... وكالأفكار ..
حتى تكون حبيبي
يذهب خوفي ..
يذهب ضعفي ..
أشعر أني بين نساء الأرض الأقوى
أترك عقدي الأولى خلفي
أهتف باسمك
في باريس ..
وفي لوزان ..
وفي ميلانو ..
أدخل كل مقاهي العالم
مقهى .. مقهى
أخبر عمال الطرقات ..
وأخبر ركاب الباصات ..
وأخبر أزهار الشرفات ..
وأخبر حتى النمل
وحتى النحل
وحتى قطط الشارع
أني أهوى ..
أني أهوى ..
أني أهوى ..
ازرعني بين الكلمات ..
أخشى جدا ..
أن يتحول هذا الحب إلى عادات
أخشى جدا ..
أن يحترق الحلم وتنفجر اللحظات
أخشى جدا ..
أن ينتهي الشعر وتختنق الرغبات
أخشى جدا ..
أن لا يبقى غيم ..
أن لا يبقى مطر
أن لاتبقى أشجار الغابات
ولذا .. أرجو أن تزرعني
مابين الكلمات ...
التوقيت النسائي
لا يوجد توقيت شتوي لمشاعري
ولا توقيت صيفي لأشواقي
إن ساعات العالم كلها
تضرب في وقت واحد
عندما يحين موعدي معك
وتسكت في وقت واحد
عندما
تأخذ معطفك ... وتنصرف
المتفوقة
كنت أدري – قبل أن أولد – أني سأحبك ..
بعد أن جئت إلى العالم ... ما زلت أحبك ..
إن من أعظم أعمالي التي حققتها كامرأة ...
أني أحبك
الحمل الأبدي
أحملك كأنثى الكانغارو
في بطني ..
وأقفز بك من شجرة إلى شجرة ..
من رابية إلى رابيه ..
من قارة .. إلى قاره ..
أحملك تسعة أشهر ..
تسعين شهرا
تسعين عاما
وأخاف أن ألدك
حتى لا تضيع مني في الغابة ..
شقاوة أطفال
لا أغضب من غضبك
ولا أتضايق من برقك
ورعدك
وجنون عواصفك
إنني أعرف أن كل الأواني التي تكسرها
وكل الحماقات التي ترتكبها
ليست سوى مقدمات
لولادة القصيدة ..
كهرباء
في عز الصيف ..
تصطدم أنوثتي
بقطرة عرق صدرك ..
وأنت قادم من جهة البحر
فيتكهرب العالم ..
وتهطل الأمطار ..
يتبع...